إثبات وجود الإمام الثاني عشر عليه السلام وغيبته

ونكتفي هنا بما ذكره العلامة المجلسي في كتابه (حقّ اليقين)،(43) ومن أراد التفصيل فليرجع إلى كتاب (النجم الثاقب).

(المهدي في روايات أهل السنة):

قال: اعلم انّ الخاصة والعامة روت أحاديث ظهور المهدي عليه السلام وخروجه بطرق متواترة، منها ما روي في جامع الأصول عن صحيح البخاري، ومسلم، وأبي داوُد، والترمذي عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انّه قال: والذي نفسي بيده ليوشكنّ أن ينزل فيكم ابن مريم صلى الله عليه حكماً مقسطاً، فيكسر الصّليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية (أي لا يقبل ديناً غير الإسلام) ويفيض المال حتى لا يقبله أحد.(44)

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم(45) (أي المهدي عليه السلام).

وروي في صحيح مسلم عن جابر انّه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا تزال طائفة من أمّتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه، فيقول أميرهم: تعال صلّ لنا، فيقول: لا، انّ بعضكم على بعض امراء تكرمة الله هذه الأمة.(46)

وروي في مسند أبي داوُد (والترمذي) عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: لو لم يبق من الدنيا الاّ يوم، لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث (الله) فيه رجلاً منّي (أو من أهل بيتي) يواطئ اسمه اسمي…، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.(47)

وعلى رواية انّه: لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي.(48)

وروي عن أبي هريرة انّه قال: لو لم يبق من الدنيا الاّ يوم لطوّل الله عز وجل ذلك اليوم حتى يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي.(49)

وروى في سنن أبي داوُد عن عليّ عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لو لم يبق من الدهر الاّ يوم، لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملأها عدلاً كما ملئت جوراً).(50)

وروى في سنن أبي داوُد أيضاً عن امّ سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (المهدي من عترتي من ولد فاطمة).(51)

وروى أبو داوُد والترمذي عن أبي سعيد الخدري انّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (المهدي منّي أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، يملك سبع سنين).(52)

وروى أبو داوُد والترمذي عن أبي سعيد الخدري انّه قال: خشينا أن يكون بعد نبيّنا حدث، فسألنا نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: انّ في أمتي المهدي، يخرج يعيش خمساً أو سبعاً أو تسعاً _ زيدٌ الشاك _ قال: قلنا وما ذاك؟ قال: سنين، قال: فيجيء إليه رجل فيقول: يا مهدي اعطني اعطني، قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله.(53)

وروي في سنن الترمذي عن أبي اسحاق انّه قال: قال عليّ عليه السلام _ ونظر إلى ابنه الحسن(54) _ فقال: انّ ابني هذا سيد كما سمّاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسيخرج من صلبه رجل يسمّى باسم نبيّكم، يشبهه في الخُلق ويشبه في الخَلْقِ…(55) يملأ الأرض عدلاً.(56)

وجمع الحافظ أبو نعيم من المحدّثين المشهورين عند العامة أربعين حديثاً من صحاحهم، تشتمل على ذكر صفات وأحوال واسم الإمام المهدي عليه السلام، ومن هذه الأحاديث ما رواه عن عليّ بن هلال عن أبيه أنّه قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو في الحالة التي قبض فيها، فإذا فاطمة عند رأسه، فبكت حتى ارتفع صوتها، فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليها رأسه وقال: حبيبتي فاطمة ما الذي يبكيك؟ فقالت: أخشى الضيعة من بعدك.

فقال: يا حبيبتي أما علمت انّ الله عز وجل اطلع على أهل الأرض اطلاعة فاختار منها أباك فبعثه برسالته، ثم اطلع اطلاعة فاختار منها بعلك وأوحى إليّ أن انكحك ايّاه، يا فاطمة ونحن أهل بيت قد أعطانا الله عز وجل سبع خصال لم يعط أحداً قبلنا، ولا يعطي أحداً بعدنا.

أنا خاتم النبيين، وأكرم النبيين على الله عز وجل، وأحبّ المخلوقين إلى الله عز وجل، وأنا أبوك، ووصيّي خير الأوصياء، وأحبّهم إلى الله عز وجل هو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء، وأحبّهم إلى الله عز وجل وهو حمزة بن عبد المطلب عمّ أبيك وعمّ بعلك، ومنّا من له جناحان يطير في الجنة مع الملائكة حيث يشاء، وهو ابن عمّ أبيك وأخو بعلك، ومنّا سبطا هذه الأمة وهما ابناك الحسن والحسين، وهما سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما _ والذي بعثني بالحق _ خير منهما.

يا فاطمة والذي بعثني بالحق انّ منهما مهدي هذه الأمة، إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً، وتظاهرت الفتن وانقطعت السبل، وأغار بعضهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيراً، ولا صغيراً يوقر كبيراً، فيبعث الله عند ذلك منهما من يفتح حصون الضلالة، وقلوباً غلفاً يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أوّل الزمان، ويملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً.

يا فاطمة لا تحزني ولا تبكي فانّ الله عز وجل أرحم بك وأرأف عليك منّي، وذلك لمكانك منّي وموقعك من قلبي، وقد زوّجك الله زوجك وهو أعظمهم حسباً، وأكرمهم منصباً، وأرحمهم بالرعية، وأعدلهم بالسوية، وأبصرهم بالقضية، وقد سألت ربّي عز وجل أن تكوني أوّل من يلحقني من أهل بيتي.

قال عليّ عليه السلام: فلمّا قبض النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم تبق فاطمة بعده الاّ خمسة وسبعين يوماً حتى ألحقها الله به عليهما السلام.(57)

يقول المؤلف (أي العلامة المجلسي):

انّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نسب المهدي عليه السلام إلى الحسن والحسين كليهما، وذلك من جهة أن نسبه ينتهي إلى الإمام الحسن عليه السلام من قِبَل امّه؛ لانّ امّ الإمام محمّد الباقر تكون بنت الإمام الحسن عليه السلام، وورد في بعض الأحاديث انّه عليه السلام من ولد الحسين.

وروى الدار قطني (من المحدثين المشهورين لدى العامة) أيضاً هذا الحديث الطويل عن أبي سعيد الخدري، وقال في آخره ما معناه: انّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: منّا مهديّ هذه الأمة الذي يصلّي عيسى خلفه، ثم وضع يده على عاتق الحسين عليه السلام وقال: من هذا يكون مهدي هذه الأمة.

وروى أبو نعيم أيضاً عن حذيفة وأبي أمامة الباهلي، بانّ المهدي وجهه كوكب دريٌّ، في خدّه الأيمن خال أسود، وعلى رواية عبد الرحمن بن عوف انّه عليه السلام أفرق الثنايا، وعلى رواية عبد الله بن عمر انّ فوق رأسه غمامة فيها مناد ينادي: هذا المهدي خليفة الله فاتّبعوه، وعلى رواية جابر بن عبد الله وأبي سعيد انّ عيسى عليه السلام يصلّي خلفه.(58)

الهوامش

(43) حق اليقين: 311. (44) صحيح مسلم 1: 93؛ وسنن الترمذي 4: 439/ باب 54/ ح 2233؛ كتاب الفتن، وجامع الأصول 11: 47/ ح 7808/ الكتاب التاسع/ الباب الأوّل. (45) صحيح مسلم 1: 94؛ وجامع الأصول 11: 47/ ح 7808/ الكتاب التاسع/ الباب الأوّل. (46) صحيح مسلم 1: 95؛ وجامع الأصول 11: 48/ ح 7809/ الكتاب التاسع/ الباب الأوّل. (47) راجع جامع الأصول 11: 48/ ح 7810/ الكتاب التاسع/ الباب الأوّل؛ ومثله في سنن أبي داوُد 4: 104/ ح 4282. (48) سنن الترمذي 4: 438/ ح 4282/ باب 52/ كتاب الفتن؛ سنن أبي داوُد 4: 104/ ح 4282. (49) سنن الترمذي 4: 438/ باب 52/ ح 2231/ كتاب الفتن. (50) سنن أبي داوُد 4: 104/ ح 4283؛ وجامع الأصول 11: 49/ ح 7811. (51) سنن أبي داوُد 4: 104/ ح 4284؛ وجامع الأصول 11: 49/ ح 7812. (52) سنن أبي داوُد 4: 104/ ح 4285؛ وجامع الأصول 11: 49/ ح 7813. (53) سنن الترمذي 4: 439/ باب 53/ ح 2232/ كتاب الفتن. (54) في المتن الفارسي: (الحسين) وهو الصحيح. (55) في جامع الأصول: (لا يشبهه في الخلق) وكذلك في سنن أبي داوُد. (56) سنن أبي داوُد 2: 311/ ح 4290؛ جامع الأصول 11: 49/ ح 7814/ الكتاب التاسع/ الباب الأوّل؛ ولم نعثر عليه في سنن الترمذي. (57) راجع كشف الغمة 3: 267؛ عنه البحار 51: 78/ ح 37. (58) راجع البحار 51: 80؛ كشف الغمة 3: 269.

 

شارك هذه:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *